BLOG POST | 4 Aug 2023
اليمن: ملامح مشجعة للسلام، ولكن لا يزال الطريق طويلاً.
ثمة أساب حقيقية تبعث على الأمل في اليمن، ولكن على المجتمع الدولي التحرك بسرعة مع الحرص على مشاركة جميع الأطراف.
By Andrew Gilmour, Calum Humphreys
"علينا أن لا نتحدث بصوت عال لئلا يصيب النحس أي شيء"، ولكن بالفعل، هذه هي المرة الأولى منذ سنوات التي نرى فيها بشائر الأمل في اليمن، الذي يعدُ مسرحا لواحدة من أقسى الصراعات والمآسي الإنسانية التي شوهدت في العقود الأخيرة.
وبينما يجب على اليمنيين أن يقرروا مستقبلهم السياسي، فإن المجتمع الدولي مدين لهم بالقيام بكل ما بوسعه لدعم الزخم الحالي، قبل أن يذهب أدراج الرياح مثل ما سبقه من لحظات الأمل.
وبينما يجب على اليمنيين أن يقرروا مستقبلهم السياسي، فإن المجتمع الدولي مدين لهم بالقيام بكل ما بوسعه لدعم الزخم الحالي.
وعلى الرغم من انقضائها رسمياً في أكتوبر الماضي، فإن الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة والتي بدأت في أبريل 2022، لا تزال صامدة إلى حد كبير. إذ مثل هذا إنجازا كبيرا، لأن الاتفاق أدى إلى تخفيض العنف وإلى تحسين مستوى الوصول إلى المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء اليمن، غير أن العودة إلى الحرب الشاملة، لازال يمثل احتمالا حقيقيا. ويتعين على جميع الأطراف تحويل هذه الهدنة إلى وقف دائم وشامل لإطلاق النار يتضمن ترتيبات للمراقبة.
ستستغرق المسألة بعض الوقت، ولكن هناك 21.6 مليون يمني بحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية، ولذا يجب أن تستمر. وإحدى طرق الاستمرار، هي تعزيز قدرات السلطات المحلية لتتمكن من توفير الخدمات الأساسية للمواطنين.
نشر هذا المقال لأول مرة في الجزيرة كمقال رأي في الأول من شهر أغسطس 2023
تجري المملكة العربية السعودية وأنصار الله (الحوثيون) حاليا محادثات مباشرة وبعلنية متزايدة. حيث قام وفد مشترك سعودي-عماني بزيارة إلى صنعاء في بداية العام. والهدف من هذه اللقاءات هو التوصل إلى هدنة مؤقتة بين السعودية والحوثيين، لكن ينبغي أن تشمل تدريجيا وجهات نظر الأطراف الأخرى. وفي الوقت نفسه، يتعين على الرياض التأكد من أن هذه المحادثات لا تقوض المفاوضات التي ستجريها الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، والممثلة بمجلس القيادة الرئاسي، مع حركة أنصار الله.
كما تتواصل الحوارات الموازية حول معالم خارطة طريق لدفع عملية السلام بين مجموعة من الجهات الفاعلة اليمنية والإقليمية والدولية. وهنا، يُعد التنسيق مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة أمرا حيويا للغاية. كما يجب أن تغذي المشاورات التي يتم إجراؤها مع مجموعة واسعة من الجهات الفاعلة، بما في ذلك النساء والشباب والمجتمع المدني، عملية السلام لكي يسهم العمل الدولي في تهيئة الظروف الملائمة لتمكين اليمنيين من الدخول في حوار سياسي شامل.
ونجد أيضاً ان الملامح الإيجابية تظهر في جميع أنحاء المنطقة، حيث أفضت المحادثات السعودية- الإيرانية في بغداد ومسقط إلى الاتفاق على البيان الثلاثي الذي توسطت فيه الصين. ومع إعادة فتح السفارات بينهما، وتوقع قيام الرئيس الإيراني – رئيسي - بتلبية دعوة العاهل السعودي - الملك سلمان- لزيارة الرياض، فذلك قد يفضي إلى بداية انفراجة بين المملكة العربية السعودية وإيران، إذا ما نظرنا للأمر بعناية. وفي حين لا يزال كل طرف متشكك من الآخر، إلا أن هذه المصالحة قد تأتي بثمار عديدة، ليس في اليمن فحسب، بل أيضا في مجال الأمن البحري والتعاون الاقتصادي ولبنان والعراق.
إن حدوث تطوران مهمان في اليمن يجعلهما أسبابا أخرى للتفاؤل بشأن بناء الثقة. أولها، في أبريل الماضي حين تم تنفيذ صفقة كبيرة لتبادل الأسرى في اليمن بوساطة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن - السيد هانز غروندبرغ - والصليب الأحمر. وقد ترك هذا أثرا إيجابيا مرحب به يشجع على المزيد من الصفقات لتبادل الأسرى. وثانيا، تبذل جهود حالية لإنقاذ "الناقلة العائمة صافر" التي تعاني من التآكل والصدى، بعد الاتفاق الذي تم بين مجلس القيادة الرئاسي والحوثيين، بهدف تجنب كارثة بيئية قد تكون أكبر بأربع مرات من “إكسون فالديز”.
بالإضافة إلى ذلك، يتزايد عدد الرحلات الجوية التي تنطلق من صنعاء قياسا بما كان عليه الوضع قبل ست سنوات، عندما غادرت أول رحلة طيران تجارية العاصمة اليمنية في شهر مايو 2022. ولأول مرة منذ 2016، تم في شهر يونيو الماضي نقل الحجاج من مطار صنعاء إلى جدة مباشرة. ولابد لهذه الاتفاقات، التي تمت لدواعي إنسانية وتقنية، أن توفر أساسا للمفاوضات السياسية الأكثر صعوبة.
ولكي نضمن استدامة السلام، فإن اليمنيين وحدهم هم الذين يمكنهم أن يقرروا مستقبلهم السياسي - وليس الجهات الخارجية التي تدعي أنها تعمل نيابة عنهم.
ولكن الطريق لا يزال طويلا قبل أن تتحول هذه العلامات المشجعة إلى حل شامل للصراع. إذ يتطلب الأمر نهجا منسقا بين جميع الفاعلين الرئيسيين لتطوير طريقة قابلة للتطبيق للمضي قدما نحو السلام، ومن ثم إقناع جميع الأطراف بالتمسك بها. وهناك حاجة إلى إعادة تفعيل أشكال التنسيق المختلفة وتطوير وسائل مبتكرة تمكن الأطراف من الجلوس معاً.
ولكي نضمن استدامة السلام، فإن اليمنيين وحدهم - وليس الجهات الفاعلة الخارجية التي تدعي أنها تعمل نيابة عنهم - هم الذين يمكنهم أن يقرروا مستقبلهم السياسي. قد يبدو هذا واضحاً للأعيان، لكن المدهش أن هذه الحقيقة يتم تجاهلها في الغالب. وبالنظر إلى الأوضاع التي اتسمت بالبؤس والمعاناة في اليمن على مدى السنوات التسع الماضية، والتي يصعب وصفها، سيحكم التاريخ على المجتمع الدولي بقسوة إذا فشل في الاستفادة من الاتجاهات الإيجابية التي برزت مؤخرا.
قد تكون هذه المسألة في غاية الأهمية بالنسبة لليمنيين وجيرانهم، بصفة خاصة، ولكنها تصب في مصلحة الدول الغربية أيضا، والتي هي بحاجة لإقناع المناطق الأخرى في العالم أن غزو أوكرانيا لم يستحوذ على كامل اهتمامها على حساب الأزمات الأخرى. إن التحرك السريع، قبل خسارة الزخم الحالي، لا يقل أهمية عن القيام بذلك بطرق تشمل جميع الأطراف اليمنية الرئيسية.
Media contact
You can reach the press team at:
+49 (0) 177 7052758
email hidden; JavaScript is required